هذه الأمة على موعد مع الدم ... دم يلون الأفق ... دم يلون الأرض ... دم يلون التاريخ .. دم يلون الدم .. ونهر الدم لا يتوقف ... دفاعاً عن العقيدة .. دفاعاً عن الأرض والأفق والتاريخ .. دفاعاً عن الحق والحرية والعدل والكرامة ....        كلما جئتك راجعت الصبا        فأبت أيامه أن ترجعا        قد يهون العمر إلا ساعة        وتهون الأرض إلا موضعا        ***        أهلاً وسهلاً بكم وأتمنى لكم أوقاتاً سعيدة…       
المعلــــــــم: April 2007

المعلــــــــم

Saturday, April 28, 2007

أحمد الزعتر





ليدين من حجر وزعتر
هذا النشيد .. لأحمد المنسيّ بين فراشتين
مضت الغيوم وشرّدتني
ورمت معاطفها الجبال وخبّأتني
.. نازلا من نحلة الجرح القديم إلى تفاصيل
البلاد وكانت السنة انفصال البحر عن مدن
الرماد وكنت وحدي
ثم وحدي
آه يا وحدي ؟ و أحمد
كان اغتراب البحر بين رصاصتين
مخيّما ينمو ، وينجب زعنرا ومقاتلين
وساعدا يشتدّ في النيسان
ذاكرة تجيء من القطارات التي تمضي
وأرصفة بلا مستقبلين وياسمين
كان اكتشاف الذات في العربات
أو في المشهد البحري
في ليل الزنازين الشقيقة
قي العلاقات السريعة
والسؤال عن الحقيقة
في كل شيء كان أحمد يلتقي بنقيضه
عشرين عاما كان يسأل
عشرين عاما كان يرحل
عشرين عاما لم تلده أمّه إلّا دقائق في
إناء الموز
وانسحبت
يريد هويّة فيصاب بالبركان
سافرت الغيوم وشرّدتني
ورمت معاطفها الجبال وخبّأتني
أنا أحمد العربيّ - قال
أنا الرصاص البرتقال الذكريات
وجدت نفسي قرب نفسي
فابتعدت عن الندى والمشهد البحريّ
تل الزعتر الخيمة
وأنا البلاد وقد أتت
وتقمّصتني
وأنا الذهاب المستمرّ إلى البلاد
وجدت نفسي ملء نفسي
راح أحمد يلتقي بضلوعه ويديه
كان الخطوة - النجمه
ومن المحيط إلى الخليج ، من الخليج إلى المحيط
كانوا يعدّون الرماح
وأحمد العربيّ يصعد كي يرى حيفا
ويقفز
أحمد الآن الرهينه
تركت شوارعها المدينة
وأتت إليه
لتقتله
ومن الخليج إلى المحيط ، و من المحيط إلى الخليج
كانوا يعدّون الجنازة
وانتخاب المقصلة
أنا أحمد العربيّ - فليأت الحصار
جسدي هو الأسوار - فليأت الحصار
و أنا حدود النار - فليأت الحصار
و أنا أحاصركم
أحاصركم
وصدري باب كلّ الناس - فليأت الحصار
لم تأت أغنيتي لترسم أحمد الكحليّ في الخندق
الذكريات وراء ظهري ، وهو يوم الشمس والزنبق
يا أيّها الولد الموزّع بين نافذتين
لا تتبادلان رسائلي
قاوم
إنّ التشابه للرمال ... وأنت للأزرق
وأعدّ أضلاعي فيهرب من يدي بردى
وتتركني ضفاف النيل مبتعدا
وأبحث عن حدود أصابعي
فأرى العواصم كلها زبدا
وأحمد يفرك الساعات في الخندق
لم تأت أغنيتي لترسم أحمد المحروق بالأزرق
هو أحمد الكونيّ في هذا الصفيح الضيّق
المتمزّق الحالم
وهو الرصاص البرتقاليّ .. البنفسجه الرصاصيّة
وهو اندلاع ظهيرة حاسم
في يوم حريّه
يا أيّها الولد المكرّس للندى
قاوم
يا أيّها البلد - المسدس في دمي
قاوم
الآن أكمل فيك أغنيتي
وأذهب في حصارك
والآن أكمل فيك أسئلتي
وأولد من غبارك
فاذهب إلى قلبي تجد شعبي
شعوبا في انفجارك
... سائرا بين التفاصيل اتكأت على مياه
فانكسرت
أكلّما نهدت سفرجله نسيت حدود قلبي
والتجأت إلى حصار كي أحدد قامتي
يا أحمد العربيّ ؟
لم يكذب عليّ الحب . لكن كلّما جاء المساء
امتصّني جرس بعيد
والتجأت إلى نزيفي كي أحدّد صورتي
يا أحمد العربيّ
لم أغسل دمي من خبز أعدائي
ولكن كلّما مرّت خطاي على طريق
فرّت الطرق البعيدة و القريبة
كلّما آخيت عاصمة رمتني بالحقيبة
فالتجأت إلى رصيف الحلم و الأشعار
كم أمشي إلى حلمي فتسبقني الخناجر
آه من حلمي و من روما
جميل أنت في المنفى
قتيل أنت في روما
وحيفا من هنا بدأت
وأحمد سلم الكرمل
وبسملة الندى والزعتر البلدي والمنزل
لا تسرقوه من السنونو
لا تأخذوه من الندى
كتبت مراثيها العيون
وتركت قلبي للصدى
لا تسرقوه من الأبد
وتبعثروه على الصليب
فهو الخريطة و الجسد
وهو اشتعال العندليب
لا تأخذوه من الحمام
لا ترسلوه إلى الوظيفه
لا ترسموا دمه وسام
فهو البنفسج في قذيفه
صاعدا نحو التئام الحلم
تتّخذ التفاصيل الرديئة شكل كمّثرى
وتنفصل البلاد عن المكاتب
والخيول عن الحقائب
لحصى عرق أقبّل صمت هذا الملح
أعطى خطبة الليمون لليمون
أوقد شمعتي من جرحي المفتوح للأزهار
والسمك المجفّف
للحصى عرق و مرآه
وللحطاب قلب يمامه
أنساك أحيانا لينساني رجال الأمن
يا امرأتي الجميلة تقطعين القلب والبصل
الطري وتذهبين إلى البنفسج
فاذكريني قبل أن أنسى يدي
… وصاعدا نحو التئام الحلم
تنكمش المقاعد تحت أشجاري وظلّك
يختفي المتسلّقون على جراحك كالذباب الموسميّ
ويختفي المتفرجون على جراحك
فاذكريني قبل أن أنسى يديّ
وللفراشات اجتهادي
والصخور رسائلي في الأرض
لا طروادة بيتي
ولا مسّادة وقتي
وأصعد من جفاف الخبز والماء المصادر
من حصان ضاع في درب المطار
ومن هواء البحر أصعد
من شظايا أدمنت جسدي
وأصعد من عيون القادمين إلى غروب السهل
أصعد من صناديق الخضار
وقوّة الأشياء أصعد
أنتمي لسمائي الأولى و للفقراء في كل الأزقّة
ينشدون
صامدون
وصامدون
وصامدون
كان المخيّم جسم أحمد
كانت دمشق جفون أحمد
كان الحجاز ظلال أحمد
صار الحصار مرور أحمد فوق أفئدة الملايين
الأسيرة
صار الحصار هجوم أحمد
والبحر طلقته الأخيرة
يا خضر كل الريح
يا أسبوع سكّر
يا اسم العيون ويا رخاميّ الصدى
يا أحمد المولود من حجر وزعتر
ستقول : لا
ستقول : لا
جلدي عباءة كلّ فلاح سيأتي من حقول التبغ
كي يلغي العواصم
وتقول : لا
جسدي بيان القادمين من الصناعات الخفيفة
والتردد .. والملاحم
نحو اقتحام المرحلة
وتقول : لا
ويدي تحيات الزهوز وقنبلة
مرفوعة كالواجب اليومي ضدّ المرحلة
وتقول : لا
يا أيّها الجسد المضرّج بالسفوح
وبالشموس المقبلة
وتقول : لا
يا أيّها الجسد الذي يتزوّج الأمواج
فوق المقصلة
وتقول : لا
و تقول : لا
وتقول : لا
وتموت قرب دمي وتحيا في الطحين
ونزور صمتك حين تطلبنا يداك
وحين تشعلنا اليراعة
مشت الخيول على العصافير الصغيرة
فابتكرنا الياسمين
ليغيب وجه الموت عن كلماتنا
فاذهب بعيدا في الغمام وفي الزراعة
لا وقت للمنفى وأغنيتي
سيجرفنا زحام الموت فاذهب في الرخام
لنصاب بالوطن البسيط وباحتمال الياسمين
واذهب إلى دمك المهيّأ لانتشارك
واذهب إلى دمي الموحّد في حصارك
لا وقت للمنفى
وللصور الجميلة فوق جدران الشوارع والجنائز
والتمني
كتبت مراثيها الطيور وشرّدتني
ورمت معاطفها الحقول وجمعتني
فاذهب بعيدا في دمي ! واذهب بعيدا في الطحين
لنصاب بالوطن البسيط وباحتمال الياسمين
يا أحمد اليوميّ
يا اسم الباحثين عن الندى وبساطة الأسماء
يا اسم البرتقاله
يا أحمد العاديّ
كيف محوت هذا الفارق اللفظيّ بين الصخر والتفاح
بين البندقيّة والغزاله
لا وقت للمنفى وأغنيتي
سنذهب في الحصار
حتى نهايات العواصم
فاذهب عميقا في دمي
اذهب براعم
واذهب عميقا في دمي
اذهب خواتم
واذهب عميقا في دمي
اذهب سلالم
يا أحمد العربيّ... قاوم
لا وقت للمنفى وأغنيتي
سنذهب في الحصار
حتى رصيف الخبز والأمواج
تلك مساحتي ومساحة الوطن - الملازم
موت أمام الحلم
أو حلم يموت على الشعار
فاذهب عميقا في دمي و اذهب عميقا في الطحين
لنصاب بالوطن البسيط و باحتمال الياسمين
... وله انحناءات الخريف
له وصايا البرتقال
له القصائد في النزيف
له تجاعيد الجبال
له الهتاف
له الزفاف
له المجلّات الملوّنه
المراثي المطمئنة
ملصقات الحائط
العلم
التقدّم
فرقة الإنشاد
مرسوم الحداد
وكل شيء كل شيء كل شيء
حين يعلن وجهه للذاهبين إلى ملامح مجهه
يا أحمد المجهول
كيف سكنتنا عشرين عاما و اختفيت
وظلّ وجهك غامضا مثل الظهيرة
يا أحمد السريّ مثل النار والغابات
أشهر وجهك الشعبيّ فينا
واقرأ وصيّتك الأخيرة ؟
يا أيّها المتفرّجون ! تناثروا في الصمت
وابتعدوا قليلا عنه كي تجدوه فيكم
حنطة ويدين عاريتين
وابتعدوا قليلا عنه كي يتلو وصيّته
على الموتى إذا ماتوا
وكي يرمي ملامحه
على الأحياء ان عاشوا
أخي أحمد
وأنت العبد و المعبود و المعبد
متى تشهد
متى تشهد
متى تشهد ؟


محمود ردويش